الحمد لله ربّ العالمين و صلى الله على نبيه الأمي الأمين و آله و صحبه الطيبين الطاهرين , و بعد :
فإن
المرء , مهما علت مقدرته و غزُرَ علمه لن يقدر أن يوفي النبي - صلى الله
عليه و سلم - حقّه , لا نثرًا و لا شعرًا و لو كان أفصح العرب قاطبة و
أشعرهم كافة , و لكن حسبي أنني - و أنا المبتدئ تحقيقًا - أن أرمي بسهم وسط
السّهام , ليس غرضي منه تحقيق النصرة على وجهها , فمثلي أضعف من ذلك , و
لكن لعلّ سهمي يقع على جرح في العدوّ حديث فيزيده ألمًا أو قديم فيحيه ,
فاللّهم تقبل منّا.
ظلــوم حـقـير يـسبّ الـنبّـي *** و كلب مريـض جـواظ غــبِي
و نــذل وضيــع يقــول الخنا *** حــفيـد اليـهود كما الجـَأَبِ
تــولى و ريــح لـه منـتــنٌ *** يـحكّ قـفـاه مـن الــجَرَبِ
و قـد صار يعـوي عـواءً كفـعْـ*** ـلِ منْ قـد أصيبَ بِــدَا الكلبِ
فلا نـمتَ يـا من ســمعت الرّدى *** و خـفت العـلوج مـن الأجنبي
فـإن لـمْ يفُرْ منــك دمٌّ و لــم *** تـحرّكْ قــلوبا لنــصر النبِّي
فلســت مــن الــمسلمين و لا *** عرفـــتَ الـفحولة في يعربِ
فــهيّا نـجــدّد ذكــرى الألى *** و هـيّا نــسير كـما الصاحبِي
و نـنشر في العالــمين الــهدى *** خــصال الـرّسول الحبيب الأبِي
و نــذكر سـيـرته كـــلما *** ذكــرنا الــعدالة في الــعربِ
و دَرِّسْ أيــا شــيخ سـيرتـه *** و في وصـفـه طوِّلن و اســهبِ
فعنــد العــلوم يـفرُّ الــدّني *** و يــفزعُ مـنـكمْ إلى الـهربِ
فنصـر الـرّسول يـكون بــلا *** فــساد و قـتــل ولا نــهبِ
و نصـر الرّسول لــزوم الـهدى *** بــوقتِ الــسّلام و فـي الحَرَبِ
فنـشرب صـفوا شـراب التّـقى *** شـرابا هنــيئا ألا فـاشــربِ
فـحلم الـرّسول أنـار الــدّنا *** من الــمشرق و إلـى الـمغربِ
و قـول الرّسـول حـياة لـنـا *** شـفاء الـصدور مـن الـتّـعبِ
دعــا النّاس مــا كان يرجو غنى *** مِــنَ الـورِقِ أو مـن الذَّهبِ
دعـــاهم إلـى الله , تــوحيدِه *** دعــاهـم بــرفقٍ بلا شغَبِ
دعـا فـي قريش فـــنال الأذى *** و مـا سبّ كـلاّ و لـم يغضبِ
و مـن بـعـد صبر,وحـى ربُّـهُ *** فـهاجـر سـرًّا إلـى يـثـربِ
و كــان أمـيـنا صـدوقا كذا *** حـيّـيًا كريــمًا عـلى ذا رَبِي
سخيًّــا جـوادًا نــدتْ كفّـه *** لـغـير الفـضائل لـم يـطربِ
سلـيـل الــذّبيح و مـن هاشمٍ *** و فـي مكّـةٍ مُـعْـرِقُ النَّسبِ
جـميل بـشوش تـقـيّ زكـي *** و فــي حزمـه ذو البها الأهيبِ
و قـد كـانَ أكـملَ مـن أرسلوا *** و أوصـافه أعـجبُ الـعـجبِ
فُدِيـتَ بنفـسـي و أمّـي مــعًا *** و أقـرَبَ قـومي و مـنهم أَبِي
فمـا يـحوي شـعرٌ خصال النبّي *** و لا سَيْـرُهُ يُـحْوَى فـي الكتبِ
أبو عبد الرحمن محمد العكرميّ